.حديث النكبة من السلطان أبي عنان.
كان اتصالي بالسلطان أبي عنان آخر سنة ست وخمسين وسبعمائة وقر بي وأدناني واستعملني في كتابته واختصني بمجلسه للمناظرة والتوقيع عنه فكثر المنافسون وارتفعت السعايات حتى قويت عنده بعد أن كان لا يغير عن صفائه ثم اعتل السلطان آخر سبع وخمسين وسبعمائة وكان قد حصلت بيني وبين الأمير محمد صاحب بجاية من الموحدين مداخلة أحكها ما كان لسلفي في دولتهم وغفلت عن التحفظ من مثل ذلك من غيرة السلطان فما هو إلا أن شغل بوجعه حتى نمي إليه بعض النواة أن صاحب بجاية معتمل في الفرار ليسترجع بلده وبها يومئذ وزيره الكبير عبد الله بني علي فانبعث السلطان لذلك وبادر بالقبض عليه وكان فيما نمي إليه أني داخلته في ذلك فقبض علي وامتحني وحبسني ثم أطلق الأمير محمدا وما زلت أنا في اعتقاله إلى أن هلك وخاطبته بين يدي مهلكه مستوطفا بقصيدة أولها:
على أي حال لليالي أعاتب ** وأي صروف للزمان أغالبكفى حزنا أني على القرب نازح ** وأني على دعوى شهودي غائبوأني على حكم الحوادث نازل ** تسالمني طورا وطورا تحاربومنها في التشوق:
سلوتهم إلا ادكار معاهد ** لها في الليالي الغابرات غرائبوإن نسيم الريح منهم يشوقني ** إليهم وتصيبي البروق اللواعبوهي طويلة نحو مائتين بيتا ذهبت عن حفظي فكان لها منه موقع وهش لها وكان بتلمسان فوعد بالإفراج عني عند حلوله بفاس ولخمس ليال من حلوله طرقه الوجع وهلك لخمس عشرة ليلة في رابع وعشرين ذي الحجة خاتم تسع وخمسين وسبعمائة وبادر القائم بالدولة الوزير الحسن بن عمر إلى إطلاق جماعة من المعتقلين كنت فيهم فخلع علي وحملني وأعادني إلى ما كنت عليه وطلبت منه الانصراف إلى بلدي فأبى علي وعاملي بوجوه كرامته ومذاهب إحسانه إلى أن اضطرب أمره وانتقض عليه بنو مرين وكان ما قدمناه في أخبارهم.
.الكتابة عن السلطان أبي سالم في السر والإنشاء.
ولما أجاز السلطان أبو سالم من الأندلس لطلب ملكه ونزل بجبل الصفيحة من بلاد غماره وكان الخطيب ابن مرزوق بفاس فبث دعوته سرا واستعان بي على أمره بما كان بيني وبين أشياخ بني مرين من المحبة وائتلاف فحملت الكثير منهم على ذلك وأجابوني إليه وأنا يومئذ أكتب عن القائم بأمر بني مرين منصور بن سليمان بن منصور بن عبد الواحد بن يعقوب بن عبد الحق وقد نصبوه للملك وحاصروا الوزير الحسن بن عمر وسلطانه السعيد ابن أبي عنان بالبلد الجديد فقصدني ابن مرزوق في ذلك وأوصل إلي كتاب السلطان أبي سالم بالحض على ذلك وإجمال الوعد فيه وألقى علي حمله فنهضت به وتقدمت إلى شيوخ بني مرين وأمراء الدولة بالتحريض على ذلك حتى أجابوا وبعث ابن مرزوق إلى الحسن بن عمر يدعو إلى طاعة السلطان أبي سالم وقد ضجر من الحصار فبادر إلى الإجابة واتفق رأى بنى مرين على الانفضاض عن منصور بن سليمان والدخول إلى البلد الجديد فلما تم عقدهم على ذلك نزعت إلى السلطان أبي سالم في طائفة من وجوه أهل الدولة كان منهم محمد بن عثمان بن الكاس المستبد بعد ذلك بملك المغرب على سلطانه وكان ذلك النزوع مبدأ حظه وفاتحة رياسته بسعايتي له عند السلطان فلما قدمت على السلطان بالصفيحة بما عندي من أخبار الدولة وما أجمعوا عليه من خلع منصور بن سلمان وبالموعد الذي ضربوه لذلك واستحثثته فارتحل ولقينا البشر بإجفال منصور بن سليمان وفراره إلى نواحي بادس ودخول بني مرين إلى البلد الجديد وإظهار الحسن بن عمر دعوة السلطان أبي سالم ثم لقيتنا بالقصر الكبير قبائل السلطان وعساكره على راياتهم ووزير منصور بن سلمان وهو مسعود بن رحو بن ماساي فتلقاه السلطان بالكرامة كما يحب له واستوزره عوضا نائبا للحسن بن يوسف بن علي بن محمد الورتاجني السابق إلى وزارته لقيه بسبتة وقد غر به منصور بن سليمان إلى الأندلس فاستوزره واستكفاه.ولما اجتمعت العساكر عنده بالقصر صعد إلى فاس ولقيه الحسن بن عمر بظاهرها فأعطاه طاعته ودخل إلى دار ملكه وأنا في ركابه لخمس عشرة ليلة من نزوعي إليه منتصف شعبان سنة ستين وسبعمائة فرعى لي السابقة واستعملني في كتابة سره والترسيل عنه والإنشاء لمخاطباته وكان أكثرها يصدر عني بالكلام المرسل بدون أن يشاركني أحد ممن ينتحل الكتابة في الأسجاع لضعف انتحالها وخفاء المعاني منها على أكثر الناس بخلاف غير المرسل فانفردت به يومئذ وكان مستغربا عند من هم من أهل هذه الصناعة.ثم أخذت نفسي بالشعر وانثال علي منه بحور توسطت بين الإجادة والقصور وكان مما أنشدته إياه ليلة المولد النبوي من سنة ثلاث وستين وسبعمائة.
أسرفن في هجري وفي تعذيبي ** وأطلن موقف عبرتي ونحيبيوأبين يوم البين موقف ساعة ** لعواد مشغوف الفؤاد كئيبلله عهد الظاعنين وقد غدا ** قلبي رهين صبابة ووجيبغربت ركائبهم ودمعي سافح ** فشربت بعدهم بماء غروبيا ناقعا بالعتب غلة شوقهم ** رحماك في عذلي وفي تأنيبييستعذب الصب الملام وإنني ** ماء المدام لدي غير شروبما هاجني طرب ولا اعتاد الجوى ** لولا تذكر منزل وحبيبأصبوا إلى أطلال كانت مطلعا ** للبدر منهم أوكناس ربيبعبثت به أيدي البلى وترددت ** في عطفها للدهر أي خطوبتبلى معاهدها وإن عهودها ** ليجرها وصفي وحسن نسيبيوإذا الديار تعرضت لمتيم ** هزت لذكراها أولى التشبيبإيه على الصبر الجميل فإنه ** ألوى بدين فؤادي المنهوبلم أنسها والدهر يثني صرفه ** ويغض طرفي حاسد ورقيبوالدار مونقة بما لبست من الأ ** يام تجلوها بكل قشيبيا سائق الأظعان يعتسف الفلا ** بتواصل الأسناد والتأويبمتهافتا عن رحل كل مدلل ** نشوان من آن ومس لغوبتتجاذب النفحات فضل ردائه ** في ملتقاها من صبا وجنوبإن هام من ظمأ الصبابة صحبه ** نهلوا بمورد دفعه المسكوبإن تعترض مسراهم سدف الدجى ** صدعوا الدجى بغرامه المشبوبفي كل شعب منية ** من دونها هجر الأماني أو لقاء شعوبهلا عطفت صدورهن إلى التي ** فيها لغانية أعين وقلوبفتؤم من أكناف يثرب مأمنا ** يكفيك ما تخشاه من تثريبحيث النبوة آيها مجلوة ** تتلو من الآثار كل غريبسر عجيب ليس يحجبه الثرى ** ما كان سر الله بالمحجوبومنها بعد تعديد معجزاته صلى الله عليه وسلم والأطناب في مدحه:
إني دعوتك واثقا بإجابتي ** يا خير مدعو وخير مجيبقصرت في مدحي فإن يك طيبا ** فبما لذكرك من أريج الطيبماذا عسى يبغي المطيل وقد حوى ** في مدحك القرآن كل مطيبيا هل تبلغني الليالي زورة ** تدني إلي الفوز بالمرغوبأمحو خطيآتي بإخلاصي بها ** وأحط أوزاري وإصر ذنوبيفي فتية هجروا المنى وتعودوا ** إنضاء كل نجيبة ونجيبيطوي صحائف ليلهم نوق الفلا ** ما شئت من خبب ومن تقريبإن رنم الحادي بذكرك رددوا ** أنفاس مشتاق إليك طروبيأو غرد الركب الخلي بطيبة ** حنوا لملقاها حنين النيبورثوا اعتساف البيد عن آبائهم ** إرث الخلافة في بنى يعقوبالظاعنون الخيل وهي عوابس ** يغشى مثار النقع كل سبيبوالواهبون المقربات صوافنا ** من كل خوار العنان لعوبوالمانعون الجار حتى عرضه ** في منتدى الأعداء غير معيبتخشى بوادرهم ويرجى حلمهم ** والعز شيمة مرتجى ومهيبومنها إلى ذكر إجازته البحر واستيلائه على ملكه:
سائل بنى طامي العباب وقد سرى ** تزجيه ربح العزم ذات هبوبتهديه شهب أسنة وعزائم ** يصد عن ليل الحادث المرهوبحتى انجلت ظلل الظلام بسعيه ** وسطا الهدى بفريقه المغلوبأبني الأولى شادوا الخلافة بالتقى ** واستأثروا بتاجها المغصوبجمعوا لحفظ الدين أي مناقب ** كرموا بها في مشهد ومغيبلله مجدك طارفا أو تالدا ** فلقد شهدنا منه كل عجيبكم رهبة أو رغبة لك في العلا ** تقتاد بالترغيب والترهيبلا زلت مسرورا بأشرف دولة ** يبدو الهدى من أفقها المرغوبتحيي المعالي غاديا أو رائحا ** وحديد سعدك ضامن المطلوبومن قصيدة خاطبته بها عند وصول هدية ملك السودان إليه وفيها الحيوان الغريب المسمى بالزرافة:
قدحت يد الأشواق من زندي ** وهفت بقلبي زفرة الوجدونبذت سلواني على ثقة ** بالقرب فاستبدلت بالبعدولرب وصل كنت آمله ** فاعتضت منه بمؤلم الصدلا عهد عند الصبر أطلبه ** إن الغرام أضاع من عهدييلحى العذول فما أعنفه ** وأقول ضل فأبتغي رشديوأعارض النفحات أسألها ** برد الجوى فتزيد في الوقديهدي الغرام إلى مسالكها ** لتعللي بضعيف ما تهدييا سائق لأظعان معتسفا ** طي الفلاة لطية الوجدأرح الركاب ففي الصبا نبأ ** يغني عن المستنة الجردوسل الربوع برامة خبرا ** عن ساكني نجد وعن نجدمالي يلام على الهوى خلقي ** وهي التي تأبى سوى الحمدلأبيت إلا الرشد مذ وضحت ** بالمستعين معالم الرشدنعم الخليفة في هدى وتقى ** وبناء عز شامخ الطودنجل السراة الغر شأنهم ** كسب العلا بمواهب الوجدومنها في ذكر خلوصي إليه وما ارتكبته فيه:
لله منى إذ تأوبني ** ذكراه وهو بشاهق فردشهم يفل بواترا قضبا ** وجموع أقيال أولى اليدأو ريت زند العزم في طلبي ** وقضيت حق المجد من قصديووردت عن ظمأ مناهله ** فرويت عن عز ومن رفديهي جنة المأوى لمن كانت ** آماله بمطالب المجدلو لم أعل برد كوثرها ** ما قلت هذي جنة اللدمن مبلغ قومي ودونهم ** قذف النوى وتنوفة البعدأني أنفت على رجائهم ** وملكت عز جميعهم وحديورقيمة الأعطاف حالية ** موشية بوشائح البردوحشية الأنساب ما أنست ** في موحش البيداء بالغردتسمو بجيد بالغ صعدا ** شرف الصروح بغير ما جهدطالت رؤوس الشامخات به ** ولربما قصرت عن الوهدقطعت إليك تنائفا وصلت ** آسارها بالقهد والوخدتحدي على استصغائها ذللا ** وتبيت طوع القن والقدبسعودك اللاتي ضمن لها ** طول الحياة بعيشة رغدجاءتك في وفد الأحابش لا ** يرجون غيرك مكرم الوفدوافوك انضاء تقلبهم ** أيدي السري بالغور والنجدكالطيف يستقري مضاجعه ** أو كالحسام يسل من غمديثنون بالحسنى التي سبقت ** من غير إنكار ولا جحدويرون لحظك من وفادتهم ** فخرا على الأتراك والهنديا مستعينا جل في شرف ** عن رتبة المنصور والمهديجازاك ربك عن خليقته ** خير الجزاء فنعم من يسديوبقيت للدنيا وساكنها ** في عزة أبدا وفي سعدوأنشدته في سائر أيامه غير هاتين القصيدتين كثيرا لم يحضرني الآن شيء منه ثم غلب ابن مرزوق على هواه وأفرد بخالصته وكبح الشكائم عن قربه فانقبضت وقصرت الخطو مع البقاء على ما كنت فيه من كتابة سره وإنشاء مخاطباته ومراسمه ولاني آخر الدولة خطة المظالم فوفيتها حقها ودفعت للكثير مما أرجو ثوابه ولم يزل ابن مرزوق آخذا في سعايته بي وبأمثالي من أهل الدولة غيرة ومنافسة إلى أن انتقض الأمر على السلطان بسببه وثار الوزير عمر بن عبد الله بدار الملك فصار إليه الناس ونبذوا السلطان وبيعته وكان في ذلك هلاكه على ما ذكرناه في أخبارهم.ولما قام الوزير عمر بالأمر أقرني علي ما كنت عليه ووفر أقطاعي وزاد في جرايتي وكنت أسمو بطغيان الشباب إلى أرفع مما كنت فيه وأدل في ذلك بسابق مودة معه منذ أيام السلطان أبي عنان وصحابة استحكم عقدها بيني وبين الأمير أبي عبد الله صاحب بجاية فكان ثالث آثافينا ومصقلة فكاهتنا واشتدت غيرة السلطان لذلك كما مر وسطا بنا وتغافل عن عمر بن عبد الله لمكان أبيه من ثغر بجاية ثم حملني الإدلال عليه أيام سلطانه وما ارتكبه في حقي من القصور بي عما أسمو إليه إلى أن هجرته وقعدت عن دار السلطان مغاضبا له فتنكر لي وأقطعني جانبا من الإعراض فطلبت الرحلة إلى بلدي بإفريقية وكان بنو عبد الواد قد راجعوا ملكهم بتلمسان والمغرب الأوسط فمنعني من ذلك أن يغتبط أبو حمو صاحب تلمسان بمكاني فأقيم عنده وألح في المنع من ذلك وأبيت أنا إلا الرحلة واستجرت في ذلك برديفه وصهره الوزير مسعود بن رحو بن ماسي ودخلت عليه يوم الفطر سنة ثلاث وستين وسبعمائة فأنشدته:
هنيئا لصوم لا عداه قبول ** وبشرى لعيد أنت فيه منيلوهنئتها من عزة وسعادة ** تتابع أعوام بها وفصولسقى الله دهرا أنت إنسان عينه ** ولامس ربعا في حماك محولفعصرك ما بين الليالي مواسم ** له غرر وضاحة وحجولوجانبك المأمول للجود مشرع ** يحوم عليه عالم وجهولعساك وإن ضن الزمان منولي ** فرسم الأماني من سواك محيلأجرني فليس الدهر لي بمسالم ** إذا لم يكن لي في ذراك مقيلوأوليتني الحسنى بما أنا آمل ** فمثلك يؤلي راجيا وينيلووالله ما رمت الترحل عن قلبي ** ولا سخطة للعيش فهو جزيلولا رغبة عن هذه الدار إنها ** لظل على هذا الأنام ظليلولكن نأى بالشعب عنا حبائب ** شجاهن خطب والفراق طويليهيج بهن الوجد إني نازح ** وأن فؤادي حيث هن حلولعزيز عليهن الذي قد لقيته ** وأن اغترابي في البلاد يطولتوارت بابني البقاع كأنني ** تخطفت أو غالت ركابي غولذكرتك يا مغنى الأحبة والهوى ** فطارت لقلبي أنة وعويلوحييت عن شوق رباك كأنما ** يمثل لي فيء بها وطولأأحبابنا والعهد بيني وبينكم كريم وما عهد الكريم يحولإذا أنا لم ترض الحمول مدامعي ** فلا قربتني للقاء حمولإلام مقامي حيث لم ترد العلا ** مرادي ولم تعط القياد ذلولأجاذب فضل العمر يوما وليلة ** وساء صباح بها وأصيلويذهب بي ما بين يأس ومطمع ** زمان بنيل المعلوات بخيلتعللني منه أمان خوادع ** ويؤنسني منه أمان مطولأما لليالي لا ترد خطوبها ** ففي كبدي من وقعهن فلوليروعني عن صرفها كل حادث ** تكاد له صم البلاد تزولأداري على رغم العداة بريبة ** يصانع واش خوفها وعذولوأغدو بأشجاني عليلا كأنما ** تجود بنفسي زفرة وغليلوإني وإن أصبحت في دار غربة ** تحيل الليالي سلوتي وتديلوصدتني الأيام عن خير منزل ** عهدت به أن لا يضام نزيللأعلم أن الخير والشر ينتهي ** مداه وأن الله سوف يديلوإني عزيز بابم ماساي مكثر ** وإن هان أنصار وبان خليلفأعانني الوزير مسعود عليه حتى أذن لي في الانطلاق على شريطة العدول عن تلمسان في أي مذهب أردت فاخترت الأندلس وصرفت ولدي وأمهم إلى أخوالهم أولاد القائد محمد بن الحكيم بقسنطينة فاتح أربع وستين وسبعمائة وجعلت أنا طريق على الأندلس وكان سلطانها أبو عبد الله المخلوع وحين وفد على السلطان أبي سالم بفاس وأقام عنده حصلت لي معه سابقة وصلة ووسيلة خدمة من جهة الوزير أبي عبد الله بن الخطيب لما كان بيني وبينه من الصحابة فكنت أقوم بخدمته واعتمل في قضاء حاجاته في الدولة ولما أجاز باستدعاء الطاغية لاسترجاع ملكه حين فسد ما بين الطاغية وبين الرئيس المتوثب عليه بالأندلس من قرابته خلفته فما ترك من عياله وولده بفاس خير خلف في قضاه حاجاتهم وإدرار أرزاقهم من المتولين لها والاستخدام لهم ثم فسد ما بين الطاغية وبينه قبل ظفره بملكه برجوعه عما اشترط له من التجافي عن حصون المسلمين التي تملكها بالإجلاب ففارقه إلى بلاد المسلمين باستجة وكتب إلى عمر بن عبد الله يطلب مصرا ينزله من أمصار الأندلس الغربية التي كانت ركابا لملوك المغرب في جهادهم وخاطبني أنا في ذلك فكنت له نعم الوسيلة عند عمر حتى تم قصده من ذلك وتجافى له عن رندة وأعمالها فنزلها وتملكها وكانت دار هجرته وركاب فتحه وملك منها الأندلس أواسط ثلاث وستين وسبعمائة واستوحشت أنا من عمر إثر ذلك كما مر وارتحلت إليه معولا على سوابقي عنده فقرب في المكافآت كما نذكره إن شاء الله تعالى.